03 ديسمبر 2024 | 02 جمادى الثانية 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

الشيخ موافي عزب: الصلاة هي العلاج النفسي الناجع لمظاهر العنف والتوتر

01 نوفمبر 2015

للإسلام منهج تربوي فريد يوازن ما بين الجانبين المادي والروحي في الإنسان، لخلق شخصية سوية تتمتع بالاتزان النفسي، هذا المنهج التربوي يحرص على تقوية الجانب الروحي عن طريق الإيمان بالله وأداء العبادات وإقامة الشعائر من ناحية، ومن ناحية أخرى محاولة السيطرة على الجانب البدني، والتحكم في دوافع الإنسان وانفعالاته للتغلب على أهواء النفس وشهواتها.

حول سبل تحقيق الاستقرار النفسي والتغلب على مسببات الاضطراب والتوتر، يقول فضيلة الشيخ موافي عزب – الداعية والمستشار الأسري:- أن الله الجليل جعل لنا أعمالا نستطيع بها أن نتأقلم مع الظروف الصعبة، وأن نحيا بها حياة مستقرة، وأهمها الصلاة ، لقد أقام المسلمون الأوائل الدين في قلوبهم، حيث استفادوا مما في داخل الإسلام من عوامل القوة، فانبهر العالم بأخلاق المسلمين وبرُقى معاملاتهم، مما جعل الناس يدخلون في دين الله أفواجا من كل حدب وصوب، أما اليوم، فحالنا لا يخفى على أحد، فقد انتشرت في الكثير من مجتمعاتنا الشحناء والضغائن، وبات البعض يستشيط غضبا لأتفه الأسباب، وامتلأت شوارعنا ومدننا بالتوترات والاضطرابات النفسية، والمخاوف من المستقبل، والصراعات على عرَض الحياة الدنيا، وانفلات الأعصاب الذي لا ينتهي، بالإضافة على قائمة الأمراض التي تزداد كل يوم، وهذا مَرَدُّه أننا عطلنا الإسلام في حياتنا، فلكل حدث مقدمات ونتائج، إذا التزمت بالمقدمات لابد وأن تدرك النتائج لا محالة.

إن هذا الدين الذي أكرمنا الله به، ليس مجرد طقوس ونُسك نؤديها، بل إن كل عمل من أعمال الدين له انعكاسات نفسية على أصحابه، لذا نجد أن أكثر الناس راحة واستقرارا هم من يفردون للدين مساحة أكبر في حياتهم العملية، مما يترتب عليه تحقيق الراحة النفسية والاستقرار، تلك الراحة النفسية التي يبحث عنها العالم اليوم، وهناك عوامل تتأصل في هذا الدين وأغفلنا عنها، ألم يحدث أن رأيت حولك في أي مكان أُسرا مسلمة تنعم بحياة هانئة وادعة برغم العديد من المنغصات التي تحيط بهم من كل جانب؟ مؤكد أنك رأيت الكثير على هذه الشاكلة، حتى لو كانوا يعانون من قلة المال، أو ابتلاء في الصحة، تجدهم يشعرون بقدر من السكينة والرضا يثيران الإعجاب.


رسول الله صلى الله عليه وسلم تعامل مع الصلاة على أنها وسيلة من وسائل العلاج النفسي، وكان يقول (أرحنا بها يا بلال)، أنظر حولك اليوم، كلما كان الإنسان أكثر طمأنينة وخشوعا في صلاته كلما كان أكثر هدوءا في تعاملاته، فالصلاة هي الإعجاز الطبي والعلاج النفسي الناجع للعديد من مظاهر العنف والغلظة في التعامل، شريطة أن تكون صلاة ذات خشوع وطمأنينة.



وينصح الشيخ قائلاً:- إذا أردت أن تعالج مشاكل التوتر والاضطراب النفسي لديك، فلتنصت إلى تلاوة القرآن بتركيز وتدبر، وأن تعيد النظر في معنى الصلاة ورسالتها، فالصلاة تصلك بالله عز وجل، أنت في سجودك تُخرج ما في نفسك وتبث همومك إلى الله فتستريح، هل هناك أعظم من الله تعالى ليستمع لشكواك؟ كم من حاجة لي ولك، عندما قدمناها بين يدي الله قُضِيَت، لماذا أمرنا الله إذاً بالدعاء ؟ لأنه وعدنا بالإجابة، كم مريض عجل الله شفاءه بالدعاء؟ كم من مكروب فرج الله كربه بالدعاء؟
﴿وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ غافر: 60، ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ يوسف :86، هكذا علم النبي - صلى الله عليه وسلم- أصحابه، فأنت حين تصلي فإنك تُخرج الشحنة التي تثقل نفسك، وأنت موقن أن أمر الله مابين الكاف والنون، تأمل في سلوكيات أمهات المؤمنين والصحابة الأٌوَل، كانوا أطيب الناس نفوسا، لم تكن لديهم مشكلات نفسية لأنهم كانوا يستمعون القرآن من فِي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- شخصيا، ويقيمون الصلاة من ورائه مباشرة.

العلم الحديث يخبرنا أنه هناك علاقة قوية مابين الصحة النفسية ومابين الصحة البدنية، فجَرِّب وأنت الحكم ، قيّم صلاتك، هل هي تدخل ضمن "أرحنا بها يا بلال"؟ أم أرحنا منها يا بلال؟

أقم صلاتك وأنت مطمئن، اجعل التسابيح تخرج من قلبك وليس من طرف لسانك، ابذل جهدا كي تجعل صلاتك مطابقة لصلاة الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم- ، قاوم رغبة الشيطان في الاستسهال في أداء الصلاة، قاوم حتى تستريح وتزيل عن قلبك الأثقال، فالصلاة نور في الوجه، ونور في الفكر، هداية في اتخاذ القرارات، وتوفيق في التعامل مع الأزمات، وفوق ذلك كله نور في الآخرة ﴿ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ الحديد :12.

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت